صرّح د. محمد رزق، رجل الأعمال وعضو حزب مستقبل وطن، ورئيس مجلس إدارة شركة ERG للتنمية العمرانية، أن العام 2025 يمثل نقطة تحول محورية في المشهد الاقتصادي المصري، حيث دخلت مصر هذا العام بزخم استثماري غير مسبوق، مدفوعاً بتحولات هيكلية في السياسات الاقتصادية، وتراجع تقييمات الأصول، وعودة الثقة تدريجياً إلى السوق المحلي، خصوصاً بعد تحرير سعر الصرف في مارس 2024.

وأشار د. رزق إلى أن الأسواق أعادت تقييم الشركات المصرية بناءً على واقع جديد أكثر شفافية، حيث بلغ متوسط مضاعف الربحية نحو 8.8 مرة فقط، ما جعل العديد من الكيانات الاستثمارية الدولية ترى في السوق المصري فرصة استراتيجية للتوسع النوعي داخل منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح أن عام 2024 شهد تنفيذ أكثر من 180 صفقة اندماج واستحواذ، بزيادة تجاوزت 27% عن العام السابق، وفقاً لبيانات رسمية، بينما بلغت القيمة الإجمالية للصفقات نحو 3.5 مليار دولار. ورغم انخفاض الرقم مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أنه يعكس تركيز المستثمرين على شركات متوسطة الحجم تتمتع بنماذج تشغيلية مستدامة، وهو توجه عالمي متزايد.

وأكد رزق أن اللافت في الحراك الاستثماري الحالي هو النمو المتسارع في الصفقات العابرة للحدود بنسبة 25%، وبشكل خاص في القطاعات غير التقليدية مثل التعليم، الخدمات الرقمية، والطاقة النظيفة، ما يعكس تحوّلاً في فلسفة الاستثمار من اقتناص الفرص السريعة إلى بناء شراكات طويلة الأجل، ذات جدوى اقتصادية وتشغيلية حقيقية.

تحول نوعي في عقلية المستثمرين

وأفاد د. محمد رزق أن النصف الأول من 2025 شهد صفقات بارزة، منها صفقة استحواذ شركة دنماركية على إحدى شركات الأغذية المصرية بقيمة تقارب 9 مليارات جنيه، وصفقة سعودية مرتقبة لرفع حصة استثمارية في شركة تعليم بقيمة تتجاوز 3 مليارات جنيه، بالإضافة إلى تحركات إماراتية للاستحواذ في قطاع الأدوية بأكثر من مليار جنيه، ما يعكس بوضوح التوجه الاستراتيجي نحو القطاعات ذات العوائد المستقرة والمرونة في الأزمات.

ولفت إلى أن الإمارات تتصدر المشهد الاستثماري في مصر من حيث عدد الصفقات، تليها الولايات المتحدة والسعودية، بدعم من حزم حكومية تحفيزية تشمل الرخصة الذهبية، وتقليص مدة التخليص الجمركي إلى يومين فقط، وهي خطوات تُعد جزءاً من خطة متكاملة لجذب استثمارات نوعية ترفع الناتج المحلي وتدعم الكفاءة التشغيلية للقطاعات المستهدفة.

وأضاف أن القطاعات الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية خلال 2025 شملت المواد الأساسية، والخدمات المصرفية، والتعليم، واللوجستيات، والطاقة المتجددة، حيث تسعى المؤسسات الدولية لترسيخ وجودها في السوق المصري قبل إعادة تسعير الأصول بعد انحسار موجة التضخم العالمية.

الفرص والتحديات: وجهان لمعادلة التقدم

ونوّه د. رزق إلى أن تقديرات رسمية تشير إلى وجود 6 صفقات كبرى قيد التنفيذ خلال النصف الثاني من العام، تتجاوز قيمتها الإجمالية 100 مليون دولار، وتستهدف بشكل مباشر شركات في مجالات التكنولوجيا المالية والنقل الذكي، مما يعكس اتجاهاً متزايداً نحو الاستثمار في الاقتصاد الرقمي.

ورغم هذا الزخم، شدد على أنه لا يمكن إغفال التحديات، خصوصاً في ظل خروج ما يقرب من 2,360 شركة من السوق في النصف الأول من 2024 نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل، وصعوبة تحويل الأرباح بالعملة الأجنبية، وبطء الإجراءات التنظيمية، خاصة فيما يتعلق بالموافقات العابرة للحدود.

مع ذلك، يرى المستثمرون – بحسب رزق – أن هذه التحديات مؤقتة ويمكن تجاوزها في سياق إصلاح تشريعي مؤسسي، يعزز مناخ الأعمال، ويرسّخ قواعد الحوكمة والشفافية ويخلق بيئة أكثر تنافسية، تليق بجاذبية السوق المصري وموقعه الاستراتيجي.

تحوّل حقيقي في فلسفة إدارة الاقتصاد

واختتم د. محمد رزق تصريحه قائلاً:

“ما نشهده في مصر اليوم ليس مجرد نشاط استثماري موسمي، بل هو تحوّل في فلسفة إدارة الاقتصاد الوطني، حيث تُستخدم أدوات مثل الاندماجات والاستحواذات ليس فقط للنمو المالي، بل لإعادة الهيكلة، وتعزيز الإنتاجية، وتوسيع قاعدة الملكية، بما يخدم أهداف التنمية الشاملة والمنافسة الإقليمية والدولية.”

وأكد أن استثمار هذا الحراك الديناميكي ضمن إطار مؤسسي متكامل سيحوّل مصر إلى نقطة ارتكاز في المنظومة الاقتصادية الإقليمية، وأكثر قدرة على جذب الاستثمارات النوعية، وتوطين التكنولوجيا، وتوليد فرص العمل عالية القيمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version