صرح الدكتور محمد راشد، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري، إن قرار فرض رسوم إضافية على مشروعات الساحل الشمالي والطريق الصحراوي، خاصة ما يتعلق بتطبيقها بأثر رجعي، يمثل تحديًا مباشرًا لثقة المستثمر في استقرار السياسات العقارية بمصر، ويُنذر بإحداث خلخلة غير محسوبة في ميزانيات الشركات ومعدلات تنفيذ المشروعات، مما قد يُضر بواحد من أهم القطاعات الاقتصادية في الدولة.

راشد : نُقدّر في غرفة صناعة التطوير العقاري الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة من أجل تنظيم السوق

وأضاف راشد ؛ نُقدّر في غرفة صناعة التطوير العقاري الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة ممثلة في وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية من أجل تنظيم السوق، وضمان تعظيم العائد من الأصول العامة، والحفاظ على حقوق الدولة، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن القرارات الأخيرة الخاصة بفرض رسوم إضافية على مشروعات الساحل الشمالي بأثر رجعي، تُثير مخاوف حقيقية لدى المستثمرين المحليين والإقليميين، وتضع السوق العقاري في مسار غير متوازن قانونيًا واقتصاديًا ، كما أن تطبيق الرسوم بأثر رجعي يتعارض مع مبدأ الاستقرار التشريعي والمالي الذي يُعد شرطًا أساسيًا لنجاح أي استثمار طويل الأجل، خاصة في القطاعات كثيفة التمويل والمرتبطة بمراحل تنفيذ تمتد لسنوات مثل التطوير العقاري , كما إن العقود التي أُبرمت في وقت سابق استندت إلى معادلات مالية واستثمارية دقيقة، وأي تغيير مفاجئ في تكلفة المشروع ينسف تلك المعادلات ويُعرّض الشركات، والمشروعات، والعملاء، للخطر.

توجه الدولة لتمكين القطاع الخاص وتحقيق شراكات فاعلة في التنمية العمرانية

وأوضح راشد أن السوق العقاري المصري، وبخاصة في مناطق الساحل الشمالي وغرب القاهرة، شهد تدفقًا كبيرًا في الاستثمارات خلال السنوات الماضية، مدفوعًا بتوجه الدولة لتمكين القطاع الخاص وتحقيق شراكات فاعلة في التنمية العمرانية، مشيرًا إلى أن فرض رسوم مفاجئة – وخاصة بأثر رجعي – يُربك المعادلات الاستثمارية التي بُنيت عليها تلك المشروعات، والتي تم تسعيرها وتنفيذها بناءً على دراسات مالية وقانونية دقيقة في وقت سابق، لا تتحمل تغيرًا رجعيًا في هيكل التكاليف.

واعتبر راشد أن ما يُثار حول تهرب بعض الشركات من رسوم التنازل عبر صيغ شراكة أو تسويق غير مباشر، لا يُبرر فرض عقوبات جماعية على كافة الكيانات، خاصة أن هناك مشروعات قائمة تم تنفيذها بالفعل أو دخلت في مراحل متقدمة، ولا يمكن تعديل شروطها دون الإضرار بالمطور والمشتري على السواء. ولفت إلى أن الغرفة لا تعارض فرض رسوم أو تنظيم آليات التعامل مع الأرض والمشروعات، لكنها تطالب بأن تكون السياسات واضحة، عادلة، وتراعي الظروف الزمنية والتعاقدية لكل مشروع.

وألمح راشد ؛ إلي أنه لا يجب عدم التعميم، والتفرقة بوضوح بين المطور الجاد الذي أدار مشروعه وفقًا للعقود الأصلية، وبين من استخدم صيغ الشراكة لأغراض مالية غير قانونية ، وهو مايتطلب ضروره فرز موضوعي بين الحالات، وليس فرض عقوبة جماعية تمس الجميع.

راشد: القرارات تُحدث فجوة في الثقة يصعب ترميمها

وأشار إلى أن الأسواق العقارية الناجحة تُبنى على استقرار تشريعي طويل الأجل، ووضوح في العلاقة بين الدولة والمستثمر، مؤكدًا أن أي تدخل تنظيمي، مهما كانت دوافعه، يجب أن يتم من خلال آليات تشاورية، وليس عبر قرارات مفاجئة تضع السوق والمستثمر في حالة ارتباك، وتُحدث فجوة في الثقة يصعب ترميمها سريعًا، وأكد راشد علي  الترحيب بأي خطوة نحو الحوكمة والتنظيم، لكن يجب أن تكون تلك الخطوات مدروسة، مُعلنة، وتدريجية ؛ فليس من مصلحة الدولة أن تُفقد المستثمرين الثقة في وضوح التشريعات، ولا أن تبدو الرسوم وكأنها “رسائل إدارية” تُفرض فجأة، دون جدول زمني واضح، أو نقاش شفاف.

وأضاف أن الحكومة عليها أن تفرّق بين المطور الجاد الذي التزم ببنود التعاقد وخطط التطوير، وبين من أساء استخدام التراخيص أو تعمّد التلاعب في نموذج الشراكة، مشددًا على أن الفرز الموضوعي هو الطريق الوحيد لضمان عدالة القرار دون معاقبة الكيانات الجادة، التي تسعى لتنفيذ تعاقداتها وفق القوانين.

وفيما يخص الرسوم المفروضة على عمق الأراضي بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، حذر راشد من التسرع في تطبيقها قبل إصدار دليل رسمي واضح لآليات التسعير، وضمان مراعاة الفروق بين الأراضي المملوكة بحقوق قديمة، وتلك التي تم تسعيرها مؤخرًا أو ما تزال في طور الإجراءات. كما طالب بضرورة إعادة النظر في مهلة الـ3 أشهر الخاصة بتراخيص البناء، معتبرًا أن الدولة نفسها لم تُنجز بعد البيئة الإدارية اللازمة لتطبيق هذه المهلة بشكل عادل وفعّال.

ضروره عقد اجتماع رسمي يضم ممثلين عن الحكومة والمطورين وغرفة صناعة التطوير العقاري

وطالب راشد ؛ بعقد اجتماع رسمي يضم ممثلين عن الحكومة والمطورين وجمعيات الأعمال، وغرفة صناعة التطوير العقاري، للوصول إلى آليات تنفيذ عادلة، ومخرجات قابلة للتطبيق، بما لا يُحمّل المطور الجاد ما لم يحسبه، ولا يُفرّط في حق الدولة في تحصيل رسومها العادلة .

التطوير العقاري في مصر قطاع استراتيجي وليس مجرد نشاط اقتصاد

وإستكمل راشد؛ نُجدد التأكيد أن التطوير العقاري في مصر قطاع استراتيجي وليس مجرد نشاط اقتصاد؛فالمعادلة بسيطة: ما يُهدر من ثقة لا يعوضه ما يُحصّل من رسوم ، وإذا أردنا لسوق الساحل أن يبقى قويًا وجاذبًا، فيجب أن تُبنى قواعده على رؤية تشريعية مستقرة، وليس على تصحيحات مفاجئة تفتقر إلى العدالة التعاقدية.

واختتم راشد تصريحه بالتأكيد على أهمية دعوة كافة الأطراف المعنية إلى حوار مباشر وموسع، تشارك فيه الغرفة والمطورين وممثلي الحكومة، للخروج بحلول عملية تحفظ حقوق الدولة ولا تهدر مكتسبات السوق العقاري، مشددًا على أن الحفاظ على الثقة أهم من تحصيل الرسوم، وأن المصلحة الوطنية تقتضي المعالجة المتدرجة، لا الصدام الفوري.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version