صرّح الدكتور محمد رزق، رجل الأعمال وعضو حزب مستقبل وطن، أن الدولة المصرية لا تتعامل مع ملف الديون الخارجية باعتباره أزمة مالية خانقة كما يروّج البعض، وإنما تُعيد صياغته بعقلية اقتصادية استراتيجية تحوّله إلى فرصة حقيقية لبناء الدولة وتعزيز أصولها الإنتاجية والخدمية.

وأوضح رزق ؛أن مصر نجحت في فك شفرة الديون التقليدية، ليس من خلال تقليص الاعتماد عليها فقط، بل بتحويلها إلى أدوات تمويل ذكية للمشروعات القومية الكبرى، وهو ما يعكس تطورًا نوعيًا في منظومة إدارة المالية العامة للدولة، ويؤكد أن مصر لا تُسدد ديونًا فحسب، بل تبني مستقبلًا قائمًا على استثمار الدين لا استهلاكه.

مبادلة الديون.. أداة تنموية وليست مجرد آلية لسداد

وأشار “رزق” إلى أن أحد أبرز الأدوات التي تبنّتها الدولة في هذا الإطار هو برنامج مبادلة الديون مع عدد من الدول والمؤسسات الدولية، والذي يسمح بتحويل الالتزامات المالية المستحقة على مصر إلى تمويل مباشر لمشروعات تنموية ذات أولوية، مثل مشروعات البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والطاقة النظيفة.

وأكد رزق ؛ أن هذا التوجه لا يُخفف عبء الدين فقط، بل يُعيد تدويره داخل الاقتصاد الوطني في صورة أصول حقيقية، ما يؤدي إلى رفع كفاءة الإنفاق العام وتعظيم الأثر الاقتصادي لكل جنيه يتم استدانته، ويخلق في الوقت نفسه علاقة متوازنة مع الشركاء والدائنين تقوم على المنفعة المتبادلة لا التبعية المالية.

تحويل القروض إلى أصول.. رؤية دولة لا تتحرك تحت الضغط

وأضاف رزق ؛أن الرؤية الاقتصادية المصرية الراهنة تتبنى مبدأ استثماريًا واضحًا يقوم على أن القروض يجب أن تُوجَّه فقط نحو مشروعات إنتاجية أو خدمية قادرة على توليد قيمة مضافة. ولذلك فإن الدولة لا تسعى للاقتراض من أجل سد عجز أو تمويل استهلاك، بل تعمل على تحويل تلك القروض إلى مشروعات قائمة على الأرض تمتد من شبكات الكهرباء والطرق إلى الموانئ، والمدارس، والمستشفيات، وهو ما يعزز البنية التحتية للدولة ويُهيئ المناخ العام لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويُسهم في خلق فرص عمل حقيقية.

إدارة ملف الديون بعقلية استثمارية طويلة الأجل

ولفت “رزق” إلى أن الدولة المصرية تُدير ملف الدين بعقلية استثمارية وليست محاسبية، حيث يتم تقييم كل قرض بناءً على جدواه التنموية وقدرته على تحقيق عائد اقتصادي أو اجتماعي ملموس، وهو ما يظهر جليًا في المشاريع التي تم تنفيذها بالفعل عبر برامج التمويل التنموي منخفض الفائدة أو عبر الاتفاقيات الثنائية لمبادلة الديون، والتي حققت نتائج مباشرة في تحسين جودة الحياة للمواطنين.

مبادلات حقيقية.. ومشروعات تم تنفيذها بالفعل

وأكد رزق أن هذا التوجه لم يعد مجرد استراتيجية مطروحة، بل تُرجم إلى اتفاقات فعلية بين مصر وعدد من الدول، وعلى رأسها ألمانيا وإيطاليا، تم من خلالها مبادلة مئات الملايين من الدولارات من قيمة الدين بمشروعات تنموية ذات أثر مباشر، فعلى سبيل المثال، تم توجيه جزء من الديون الإيطالية إلى تمويل مشروعات في التعليم الفني والتدريب المهني، بينما ساهمت برامج المبادلة مع الجانب الألماني في دعم مشاريع للطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في عدة محافظات.
وهذه النماذج العملية تُجسّد نجاح مصر في تحويل التحديات المالية إلى مكتسبات تنموية مستدامة.

رسالة ثقة في قدرة الدولة على إدارة التحديات وتحويلها إلى فرص

واختتم رزق حديثهً؛ بالتأكيد على أن الدولة المصرية ترسل من خلال هذه الرؤية المتكاملة في التعامل مع الديون رسالة واضحة للعالم، مفادها أن مصر لا تنتظر الظروف المثالية كي تنهض، بل تصنع الفرص من قلب التحديات، وتعتمد على فكر اقتصادي يوازن بين الاحتياج وبين البناء، بين الضرورة والابتكار، وهو ما يجعل من التجربة المصرية في إدارة ملف الديون نموذجًا يُحتذى به في دول المنطقة، ويعزّز من موقع مصر كدولة صاحبة رؤية اقتصادية ناضجة وشاملة

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version