صرّح الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري بالاتحاد الأفروآسيوي وعضو المجلس التنفيذي للمجلس المصري للبناء الأخضر والتنمية المستدامة التابع لرئاسة مجلس الوزراء، بأن التطورات الاقتصادية الأخيرة كشفت عن فجوة حقيقية في قدرة أغلب شركات التطوير العقاري على إدارة المخاطر والتعامل مع التقلّبات الحادة التي يشهدها السوق، مؤكدًا أن القطاع لم يعد قادرًا على الاستمرار بالآليات التقليدية التي تركز على البيع والتسويق دون امتلاك وحدات متخصصة لإدارة المخاطر المرتبطة بالتمويل والتسليم وسلاسل الإمداد وتغيرات التكلفة. وأوضح أن الأحداث العالمية والإقليمية خلال العامين الماضيين أثبتت أن المخاطر أصبحت أسرع من قدرة الشركات على التنبؤ، مما يجعل وجود مراكز احترافية لإدارة المخاطر داخل الشركات ضرورة لا يمكن تأجيلها.
وأشار راشد إلى أن هذه المراكز يجب أن تكون ركيزة أساسية في إعادة هيكلة الشركات، بحيث لا تقتصر مهامها على تقييم المخاطر المحتملة، بل تمتد لوضع سيناريوهات بديلة، وتقديم توصيات مالية وتنفيذية تحمي المشروعات من التعثر أو من فقدان التوازن بين التكلفة وسعر البيع. وأضاف أن جزءًا كبيرًا من الضغط الذي واجهته شركات التطوير في الفترات الماضية كان ناتجًا عن غياب أدوات إنذار مبكر تستطيع قياس حساسية المشروعات للتغيرات في أسعار الفائدة، أو معدلات التضخم، أو سعر الصرف، أو تكلفة مواد البناء، الأمر الذي جعل كثيرًا من المشروعات عرضة لتقلبات لم يتم التحضير لها.
وأوضح راشد أن إنشاء مراكز لإدارة المخاطر داخل الشركات يخلق مستوى جديدًا من الحوكمة، ويعزز قدرة القطاع على العمل بمنهجية أكثر علمية، كما يسمح ببناء مشروعات قابلة للصمود أمام التغيرات الاقتصادية. وأكد أن وجود إدارة مخاطر فعّالة سيحسّن جودة التخطيط المالي، ويرفع كفاءة إدارة التدفقات النقدية، ويقلّل من الاعتماد على الحجوزات المسبقة كمصدر رئيسي للتمويل، وهو ما يحدّ من الدورات المضاربية التي شهدها القطاع في بعض الفترات ويجعل السوق أكثر استقرارًا وقدرة على جذب الاستثمارات طويلة المدى.
واختتم راشد بالتأكيد أن مصر تمتلك قاعدة قوية من المطورين القادرين على الانتقال إلى مرحلة أكثر نضجًا في إدارة أعمالهم، وأن الوقت الحالي هو الأنسب لبدء هذا التحول، خاصة مع توسّع الدولة في مشروعات عمرانية ضخمة تتطلب شركات أعلى جاهزية وأقوى قدرة على التعامل مع المخاطر. وشدّد على أن تطوير أدوات قياس المخاطر ليس رفاهية، بل شرطًا رئيسيًا لاستدامة القطاع وضمان بقائه عنصرًا داعمًا للنمو الاقتصادي ومساهمًا في خلق فرص العمل وتحقيق رؤية التنمية العمرانية الشاملة

