قال الدكتور محمد راشد رئيس مجلس إداره شركه راشد للاستشارات العقارية ودراسات الجدوى وإداره المشروعات ، وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري ، أنه في ظل قيام كثير من البنوك المركزية حاليا بتيسير السياسة النقدية مع انحسار التضخم، يعد التساؤل الأكثر أهميه هنا عن مدى تأثير خصائص أسواق الإسكان والقروض العقارية على انتقال الأثر في دورة تيسير السياسة النقدية ، ومن ثم، يعتمد انتقال الأثر على خصائص أسواق الإسكان والقروض العقارية ذات الخصوصية القُطرية حين تتحرك السياسة في اتجاه آخر أيضا.
وتوقع راشد اختلاف تأثير دورة تيسير السياسة النقدية على مستوى العالم على كل اقتصاد على حدة – مع وجود أوجه عدم اتساق بارزة ، وأضاف راشد يتبين من التاريخ أن فترات تشديد السياسة النقدية تكون بصفة عامة أقوى في تقييد دورات الانتعاش مقارنة بقوة فترات تيسير السياسة ذات الحجم المماثل في تحفيز الطلب، غير أن معظم دورات تيسير السياسة النقدية الكبيرة والمنسقة في الآونة الأخيرة تبعتها فترات ركود عالمي، وأشار راشد إلي أنه خلال هذه الفترات، أدى ضعف الميزانيات العمومية للقطاع الخاص إلى إطالة أمد فترات تراجع النشاط الاقتصادي على الرغم من تيسير السياسة النقدية ، وتأتي دورة تيسير السياسة النقدية الحالية في وقت باتت فيه الموارد المالية للأسر المعيشية في الاقتصادات المتقدمة أقوى مما كانت عليه خلال السنوات التي تلت الأزمة المالية، وأحيانا أقوى حتى مقارنة بفترة ما قبل الجائحة ، وبالمثل، لم تحدث زيادة كبيرة في معدلات توقف الأسر عن السداد ، وتختلف الأوضاع السابقة على دورة تيسير السياسة هذه اختلافا كبيرا عن التجارب التاريخية، ولهذا فإن آثارها قد تختلف أيضا عن المعتاد.
وأضاف راشد ، هناك اختلاف جوهري آخر يتمثل في ارتفاع نسبة القروض العقارية بأسعار فائدة ثابتة تاريخيا كنسبة من الديون القائمة، ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع نسبة القروض العقارية بأسعار فائدة ثابتة إلى الحد من انتقال أثر السياسة النقدية خلال دورة تشديد السياسات النقدية، لأن أصحاب المنازل الذين حصلوا على هذه القروض يكونون بمنأى عن ارتفاع أسعار الفائدة ، كما أنه في دورة ر السياسة النقدية، فإن القروض العقارية بأسعار فائدة ثابتة تُضعف انتقال الأثر، حيث قد يرغب أصحاب المساكن الذين حصلوا على هذه القروض في إعادة التمويل بأسعار فائدة أقل، مما يُنشَّط ما يُعرف باسم قناة إعادة التمويل الناقلة لأثر السياسة النقدية ، وعلى الرغم من هذا، قد تظل أسعار الفائدة على هذه القروض العقارية أقل كثيرا من أسعار الفائدة الحالية على الرغم من تيسير السياسة النقدية، مما لا يمنح كثيرا من أصحاب المنازل حافزا قويا لإعادة التمويل.
وإستكمل راشد ، أنه في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، توضح البيانات الحكومية أن متوسط سعر الفائدة على جميع القروض العقارية القائمة بلغ 3,9% في أواخر عام 2024، وهو أقل كثيرا من متوسط 6,7% للقروض الجديدة لمدة 30 عاما بسعر فائدة ثابت ، وهو مايعني أن أسعار الفائدة على القروض العقارية يتعين أن تتراجع بنحو 3 نقاط مئوية للمقترض العادي الذي يحصل على قرض بسعر فائدة ثابت حتى يتوافر له حافز لإعادة التمويل، ولهذا، من المرجح أن يستمر أصحاب المنازل من المقترضين بأسعار فائدة ثابتة على نفس الوضع على الرغم من انخفاض تكاليف الاقتراض، مع حدوث تداعيات كبيرة على الإنفاق وأسعار المساكن على حد سواء.
سرعة دَفعة تيسير السياسة النقدية
وإختتم راشد ، بإن السياسة النقدية تعمل من خلال قنوات كثيرة بخلاف أسواق الإسكان، حيث أنه في النهاية؛ فإن درجة انتقال أثر أي دورة تيسير للسياسة النقدية إلى الاقتصاد الحقيقي تعتمد على كثير من العوامل هي: سرعة دَفعة تيسير السياسة النقدية وقوتها النسبية؛ وانتقال أثر السياسة النقدية إلى أسعار الفائدة على الإقراض؛ وموقف المالية العامة للحكومة؛ وعوامل على جانب العرض، مثل تكلفة المواد، التي يكون كثير منها خارج نطاق التأثير المباشر للبنوك المركزية ، وفي النهايه فإن أسواق الإسكان والقروض العقارية تعد عنصر أساسي من عناصر آليات انتقال الأثر، ومن ثم، ينبغي للبنوك المركزية أن تراقب أسواق الإسكان عن كثب لمعايرة السياسة على النحو الأمثل.