صرح الخبير العقاري محمد فؤاد، المتخصص في ملف التطوير العقاري والتنمية العمرانية، أن منظومة التمويل العقاري في مصر لا تزال تعاني من خلل هيكلي واضح، يجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات المواطن، وغير فعالة في خدمة النمو الطبيعي للسوق العقاري، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي تتطلب حلولاً غير تقليدية.
وأشار فؤاد إلى أن التمويل العقاري في صيغته الحالية لا يخاطب سوى شريحة ضيقة جداً من المواطنين، وهي الشريحة التي تمتلك دخلاً ثابتاً موثقاً وأوضاعاً وظيفية مستقرة، وهو ما لا ينطبق على النسبة الأكبر من المصريين، خصوصاً فئات الشباب والعاملين في الاقتصاد غير الرسمي. وأضاف أن هذه الفجوة خلقت سوقاً موازياً يعتمد على البيع بالتقسيط المباشر من الشركات، دون وجود آليات تمويل مصرفية منظمة وفعالة، ما يزيد من أعباء المطور، ويهدد دورة رأس المال لديه.
وذكر أن البنوك تتعامل مع ملف التمويل العقاري بمنطق التمويل الاستهلاكي لا التنموي، وهو ما يقلص فرص الإقراض ويجعل الشروط تعجيزية لكثير من الراغبين في التملك، في حين أن الدول التي نجحت في تحفيز قطاع العقارات اعتمدت على نماذج تمويل عقاري أكثر مرونة، وأقل تعقيداً، وتعتمد على ضمان العقار نفسه كمصدر أمان، بدلاً من التركيز المفرط على دخل العميل فقط.
ولمح فؤاد إلى أن غياب أدوات تمويل بديلة – مثل التأجير التمويلي للعقارات السكنية، أو التمويل مقابل حقوق الانتفاع، أو حتى الصكوك العقارية – يجعل المنظومة التمويلية الحالية محدودة الرؤية، ولا تواكب التطور الحقيقي في احتياجات السوق أو طبيعة المجتمعات العمرانية الجديدة التي تُبنى الآن في العاصمة الإدارية ومدن الجيل الرابع.
وأكد أن هناك فرصة ذهبية للدولة لإعادة بناء هذه المنظومة بما يتناسب مع أهداف الجمهورية الجديدة، من خلال إطلاق مبادرات تمويلية غير تقليدية، تستهدف شرائح جديدة، وتراعي تحولات السوق، وتُشرك القطاع المصرفي بفاعلية حقيقية في تحريك السوق العقاري، لا أن يظل التمويل العقاري هامشياً في محافظ البنوك.
واستكمل حديثه قائلاً إن المطورين العقاريين أيضاً بحاجة إلى دعم تشريعي يضمن حقوقهم عند تقديم التمويل الذاتي أو عند المشاركة في مبادرات التمويل العقاري، بحيث لا تتحول مسؤولياتهم إلى عبء إضافي دون وجود حماية قانونية واضحة، أو أدوات لتحصيل مستحقاتهم بطرق عادلة ومنظمة.
واختتم محمد فؤاد تصريحه قائلاً:
“الحديث عن دعم المواطن في ملف السكن لا يكتمل إلا بإصلاح حقيقي لمنظومة التمويل العقاري… نحن بحاجة إلى حلول مرنة وعملية تُراعي الواقع الاقتصادي للمواطن، وتُعيد الثقة والاستقرار لدورة السوق العقاري في مصر.