صرّح الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري، ورئيس مجلس إدارة شركة راشد للاستشارات ودراسات الجدوى العقارية، بأن الثورة الصناعية الخامسة تمثل نقطة تحول محورية في مستقبل التنمية العمرانية، وتعيد تعريف المفهوم التقليدي للمدن بشكل يضع الإنسان في قلب المنظومة العمرانية.
وأضاف راشد: “على عكس الثورة الصناعية الرابعة التي ركزت على الأتمتة والذكاء الاصطناعي بمعزل عن الإنسان، تأتي الثورة الصناعية الخامسة لتمزج بين الذكاء الاصطناعي والذكاء الإنساني في تناغم يُعيد الاعتبار لقيم العدالة، الاستدامة، والكرامة الإنسانية داخل المدن.”
وأشار إلى أن المدن لم تعد مجرد تجمعات سكنية أو عمرانية، بل أصبحت تجارب معيشية معقدة، تتطلب تخطيطًا قائمًا على فهم الإنسان وسلوكه واحتياجاته. وأضاف: “لا يمكننا اليوم أن نفصل بين العمران والاقتصاد والمجتمع والتكنولوجيا. نحن بحاجة إلى نموذج حضري جديد، يحترم البيئة، ويعزز من جودة الحياة، ويراعي الفروق الاجتماعية والاقتصادية.”
وذكر راشد أن المدن في ظل هذه الثورة يجب أن تُصمَّم لتكون شاملة، ذكية، ومستدامة، معتمدًا على تكنولوجيا تضع الإنسان في المقام الأول، لا كعنصر تابع بل كمحور تدور حوله كل البُنى التحتية. وقال: “الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون شريكًا في تطوير المدن، لا بديلًا عن التفكير البشري. دوره أن يفتح آفاقًا جديدة، لا أن يغلق المسارات الإنسانية”.
كما استكمل حديثه مؤكدًا أن التحول نحو المدن المستدامة لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة وجودية، خاصة في ظل التحديات البيئية والمناخية التي تهدد العالم أجمع، والمنطقة العربية بشكل خاص. وأضاف: “إذا لم تُبنَ المدن على أسس بيئية واقتصادية سليمة، فلن يكون هناك مستقبل حقيقي للأجيال القادمة.”
وأشار راشد إلى أن منطقة الشرق الأوسط – ومصر تحديدًا – تقف أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء مدنها بطريقة تواكب العصر وتستبق المستقبل، وقال: “لدينا الإمكانات، والعقول، والرؤية. ما نحتاجه هو إرادة استراتيجية تدفعنا لبناء مدن ذكية إنسانية، لا مجرد أبراج ومشاريع استهلاكية.”
واختتم الدكتور محمد راشد تصريحه قائلًا:
“إن الثورة الصناعية الخامسة ليست مجرد طفرة تكنولوجية، بل هي ثورة قيم وفكر، تُعيد تشكيل المدينة لتكون أكثر عدلًا، وأكثر خُضرة، وأكثر رحمة. نحن على أعتاب عهد جديد من العمران، يكون فيه الإنسان هو البداية والنهاية.”